الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، حوار مع مسلمة: أختي المسلمة، هذا حوار مع أخت مسلمة، وهو حوار معك أنت أيضاً، ولا أظن أن الإجابات تختلف بينك وبين هذه الأخت، ولكن....
نحتاج إلى لحظة صدق، لا نقول مع النفس، ولكن مع الله -سبحانه-، مع خالقك مع رازقك، مع من أنشأك على تلك الصورة، مع من أعطاك هذا اللون الحسن، مع من يعلم عنك الباطن والظاهر، والسر والعلن.
استحضري ذلك أختي المسلمة، وأنت تجيبين على هذه الأسئلة، ولا تتسرعي وتتعجلي في النظر إلى الأسئلة من باب التطلع، فاعتبري أنه يعرض عليك سؤال سؤال، ولا يتم عرض السؤال التالي إلا بإجابة
السؤال الأول:
- قال: من ربك؟
- قالت: ربي الله لا شريك له.
- قال: من خالقك؟
- قالت: ربي لا إله إلا هو.
- قال: من الذي له حق الأمر والتشريع؟ قالت: الله -سبحانه-، قال الله -تعالى-: (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(الأعراف:54).
- قال: هل أنت تُحافظين على صوم رمضان؟
- قالت: نعم، وهل هناك شك في ذلك، ما من مسلم إلا ويصوم لله -تعالى- في هذا الشهر.
- قال: لماذا تصومين رمضان؟
- قالت: لأن الله أمر بذلك، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(البقرة:183)، فهذا خطاب من الله -سبحانه- لكل مسلم ذكراً كان أو أنثى.
- قال: وهل هذا حق لله -سبحانه- أن يفرض علينا الصوم؟
- قالت منزعجة: نعم، ولا يشك في ذلك إلا كافر، ألم أقرأ عليك من قول الله -تعالى-: (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).
فالخلق خلقه والملك ملكه، فلله -سبحانه- أن يأمر خلقه بما يشاء دون تعليق أو تعقيب أو اعتراض على أمره، فالخالق هو الذي له حق التشريع فقط دون سواه لا يشاركه في ذلك أحد، لأنه لا خالق إلا الله.
- قال: هل تعتقدين أن الله سبحانه إذا أمر فهل عندي صلاحية في قبول الأمر أو رفضه؟
- قالت: الأمر ليس مبناه على الاختيار، فمن أنا لكي أختار، فأنا خلق من خلقه وأعيش في ملكه، وأتقلب في نعمه، فأَنى لي في الاعتراض أو التعقيب؟
- قال: هل معنى ذلك أنك تصلين وتحافظين على الصلاة؟
فتلجلجت في الكلام وقالت: في الحقيقة أحياناً.
- قال: سؤال آخر هل من حقي أن أختار ما أشاء وأترك ما أشاء؟ هل تعتقدين أن الله شرع لنا هذه الأمور، لكي يعرضها علينا فنختار ما نشاء وندع ما نشاء، هل هذا حق لنا؟
فسكتت.
- قال: أما تعلمين أن الله سبحانه قال: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)(البقرة:85).
- قال: لماذا لم تتحجبي؟ أما تعلمين أن الله أمر بذلك! ألم تقرئي القرآن؟ ألم تقرئي سورة النور؟ ألم تقرئي سورة الأحزاب؟
أم ستقولين كما يقول البعض عندما أقتنع!!!
بماذا تقتنعين؟ هل تقتنعين أن الله له الحق في أن يأمرك؟ هل تقتنعين أن الله -سبحانه- له أن يفرض علينا الملبس الذي ينبغي أن نظهر فيه؟
أم لك الحق في أن تنظرين هل هذا الأمر يناسبك أم لا؟ هل هذا الملبس يعجب الناس أم لا؟
أختي المسلمة:
وأنت تتهيئين وتقفين أمام المرآة بهذا الملبس الذي تتيقنين أنه فاتن، وملفت للنظر، وآخذ بالعقول لأصحاب القلوب المريضة، وآخذ بالعيون لكي تتعلق بك وبجسدك، وأنت تعلمين ذلك، بل تتيقنين من ذلك.
هل تظنين أن الله -سبحانه- عندما أمرك بالحجاب شرع ذلك الأمر لكي يستفتى عليه؟!
وأنت تلبسين ذلك الملبس لاشك تقفين أمام المرآة لكي تتزيني وتكوني في صورة تعجب الناس ألا تستحين؟! ألا تتذكرين الله -سبحانه- عند ذلك؟!
أختي المسلمة:
أنت ترضين الناس بسخط الله، فمن أحق أن ترضي؟
أما سمعت قول الله -تعالى-: (لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ)(التوبة:62: 63].
فهل بعد ذلك أنت تصرين على ما أنت عليه؟
قالت المسلمة: أما تراني مسلمة؟ أما يكفي أن تذكرني بالله حتى أتذكر، أتراني لا أخشع لله؟ أتراني جاحدة لأوامر الله؟
أختي المسلمة:
عودي إلى ربك، إلى إلهك، إلى خالق، إلى من له حق الأمر والتشريع.
حاولي واجتهدي أن تكوني راضية لله حتى ولو لم يرض عنك الناس.
فالله يريد سترك، والناس يريدون تعريتك.
فالله يريد لنا الطاعة والناس لا يرضون لنا إلا العصيان.
فالله يريد لنا الجنة، ويدعونا الشيطان إلى النار، والله يدعو إلى دار السلام، ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
أختي المسلمة:
اتجهي إلى الله -سبحانه- أن يشرح صدرك للإسلام ولدينه ولشرعه ولسُنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، (أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(الزمر:22).
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا)(الأحزاب:36).
الكاتب: سعيد السواح
المصدر: موقع صوت السلف